هل أنت مشغول جدا ؟

هل أنت مشغول جدا ولا تجد وقتا لنفسك؟ ربما لست كذلك! فعقولنا تخدعنا حتى لتجنبنا أكبر هواجسنا. نحن لا نحب التفكير أو تحمل المسؤولية. لذلك نحرص على الهروب للعمل والانشغال بأي شيء. في الكثير من الأحيان لا يطلب الموظفون إجازات حتى لا يعتنوا بالبيت ويفكروا في مشاكل البيت. فهل أنت كذلك؟ وهل يعني انشغالك أنك فعلا تقوم بأشياء مهمة لك وللمحيطين بك؟

وقت القراءة المتوقع: 5 دقائق.

نفس كمية العمل

قامت دراسات مسحية في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية بمقارنة عدد ساعات العمل التي تشغل الناس، خلال الخمسين عاما الفارطة.

النتيجة غير المتوقعة بينت أن الناس يقضون نفس ساعات العمل يوميا، لكنهم اليوم يشعرون أنهم مشغولون أكثر من أي وقت مضى.

وهذا ما يفتح الباب أما التحليلات والتأويلات لمعرفة سبب شعورنا الدائم بأننا مشغولون.

أهم التفسيرات ترجح أن تنوع الأعمال اليومية هو سبب الشعور بالانشغال وليس طول المهام.

فقديما، كان العمل الفلاحي الرتيب والأعمال الإدارية والصناعية الروتينية هي الغالبة على نوعية الأنشطة التي يقوم بها الموظفون والعمال، خلال 8 ساعات يوميا.

اليوم، أصبح الموظفون والعمال يقومون بمهام أكثر في وقت أقل، لكنها تبقى 8 ساعات عمل.

الأمر الذي يجعلنا نشعر أننا مشغولون رغم أننا نعمل نفس المدة الزمنية التي عملها آباءنا وأجدادنا.

هل أنت مشغول جدا بسبب تنوع وسائل الترفيه؟

تطورت صناعة الترفيه في العالم بشكل خرافي، في العقد الأخير.

أصبح لعامة الناس فرص الاستمتاع بمشاهدة مقاطع فيديو وصور وسماع موسيقى وقصص بمختلف الأنواع.

هذا الرفاه لم يتمتع به حتى الملوك وكبار الأثرياء منذ عشرين عاما فقط.

كما أن التطبيقات الترفيهية الموجودة في هواتفنا الذكية أصبحت أكثر قدرة على شدنا.

يعمل الباحثون والخبراء ليل نهار لشدك أكثر وقت ممكن إلى شاشة هاتفك الذكي، فكيف ستجد وقتا لبقية حياتك؟

ببساطة من الصعب الهروب من شَرك مُحكم الصنع، وقع به مليارات البشر حول العالم!

وربما يكون هذا أحد أسباب شعورك الدائم أنك لا تملك الوقت الكافي.

ربما لا تملك الوقت الكافي لمشاهدة كل تلك المنشورات الرائعة على يوتيوب وتيكتوك وأنستغرام وتويتر وفيسبوك!

وسيلة لطيفة للاعتذار

كيف يمكنك التملص من موعد اجتماعي أو مسؤولية أسرية دون أن تجرح الطرف الآخر؟

ربما سيكون ادعاء الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الطرف الآخر والتعلل بنداء الواجب هو أفضل الحلول.

تطورت هذه الطريقة للاعتذار الدائم من الحياة الاجتماعية، حيث أصبح الناس يقبلون على العمل لتجنب مواجهة الحياة الحقيقية.

بل أصبح الناس يعتذرون بمشاغل العمل للاعتذار عن الرد على الاتصالات الهاتفية التي قد تتطلب منهم بضعة دقائق فقط.

إذن يبدو أن الانشغال ليس حقيقيا بل وراءه أسباب أخرى نراها أو ربما لا نستطيع رؤيتها.

هل أنت مشغول أم عقلك من يشغلك؟

متى فكرت آخر مرة في مستقبلك وطرق تطوير حياتك؟

هل حاسبت نفسك على أخطاء الماضي ووضعت قائمة للأشخاص الذين عليك الاعتذار منهم؟

هل تعرف أين تنفق أموالك؟ ولماذا تهرب دوما من التخطيط للأحلام؟ وماهي مسؤولياتك التي تتخلى عنها طواعية كل مرة؟

كل هذه الأسئلة السيئة مُجهدة وتتطلب الكثير من التفكير والوقت. لذلك يخدعك عقلك بشغل نفسه بأمور أخرى.

يستطيع عقلك أن يوهمك أنك مشغول دائما، ويعطيك مهام متنوعة طول اليوم تُجهدك حتى لا تجد وقتا للتفكير بجدية في معنى كل ما تقوم به.

من السهل أن تستيقظ باكرا وتذهب للعمل حتى وقت متأخر ثم تعود للفراش منهك القوى في آخر اليوم.

الأمر الصعب فعلا هو أن تنقد كل ما تقوم به وتعيد ترتيب حياتك بشكل أفضل.

هل أنت مشغول أم لا تعرف كيف تدير وقتك؟

من علامات سوء إدارة الوقت هو انشغالك الدائم. يمكنك من خلال هذا الرابط معرفة كل عليك معرفته حول إدارة الوقت.

شغل كل ساعات يومك خطأ فادح، فأنت كالذي يحاول الجري بأقصى سرعته لإنهاء سباق لا نهائي.

ليس المهم كم تجري بأقصى سرعة، المهم هو كم تستطيع أن تجري كل يوم.

وكلما زادت مدة عملك أو سرعتك في الجري إلا وفقدت القدرة على العمل في اليوم الموالي.

يمكنك في حياتك القصيرة أن تعمل وتقوم بواجباتك وتستمتع بحياتك في آن، لكنك تخدع نفسك وتقنع نفسك أنك لا تملك الوقت الكافي للاستمتاع.

عقلك بنفس الحيلة القديمة، ليتجنب التفكير في جدولة وقت عطلتك السنوية سيحاول إقناعك أنك لا تملك الوقت الكافي لها.

وحتى يتجنب عقلك التفكير في كيفية قضائك وقتا مع أسرتك، سيقنعك أن عليك العمل بجد طول الليل والنهار.

حوصلة

العادة الإيجابية التي عليك اكتسابها دوما هي تنظيم وقتك بطريقة لا تجعلك الناس يسألونك نفس السؤال المزعج: “هل أنت مشغول ؟”.

احرص على أن تهتم بوقت أسرتك ووقت استمتاعك بالحياة مع وقت عملك، فأنت كلما وافقت بينهم، إلا وعملت بشكل أفضل.

والأهم أن عليك تجنب التطبيقات الترفيهية التي تجعلك تسكن صندوق سكنر للأبد!