هل العالم مكتظ فعلا أم هي مجرد توجه سياسي بعيد كل البعد عن الحقيقة؟ في هذه المقالة سنجيب بالأدلة العلمية والمنطقية عن هذا السؤال ونبين المغالطات التي يُخفيها هذا التصور.
هل العالم مكتظ فعلا؟
الاكتظاظ يعني ببساطة وجود عدد كبير من الناس في مساحة ضيقة.
لذلك لا يمكن أن نقول أن مجموعة تتكون من 5 أشخاص يسكنون في 5 كم² هم فعلا يعانون من الاكتظاظ.
لذلك يجب أن نفهم حقيقة مساحة الكوكب وعدد السكان بعيدا عن صيحات الفزع.
زيادة عدد السكان
لا تعني زيادة عدد السكان المتسارعة والتي بلغت 8 مليارات آخر 2022 أن عدد البشر كبير.
حتى نفهم عدد السكان بطريقة ملموسة، يمكننا أن نتخيل أن:
- كل البشر حاليا يقفون جنبا إلى جنب.
- ولنتخيل أن كل شخص رضيعا كان أو طفلا أو عجوزا الخ. كل واحد يقف في متر².
ملاحظة: المتر² أو المتر المربع هو مربع طول ضلعه متر واحد.
إذا وقف كل البشر في مكان واحد بالطريقة المذكورة آنفا، فـ 72% فقط من دولة بمساحة صغيرة مثل قطر يمكن أن يكفيهم للوقوف.
هذا التصور بالطبع خيالي، لكنه يهدف لتوضيح حقيقة حجم البشر على هذا الكوكب.
وإذا أردنا تصورا أكثر تطرفا، فيمكننا تصور كل البشر شكل كرة لحم واحدة لا يتجاوز ارتفاعها الكيلومتر الواحد:
If you blended all 7.88 billion ppl on Earth into a fine goo (density of a human=985 kg/m3, average human body mass=62 kg), you would end up with a sphere of human goo just under 1 km wide. This is a visualization of how that would look like in Central Park.
© reddit/kiwi2703 pic.twitter.com/9H8cRjbVzl
— Erika (@ExploreCosmos_) June 4, 2022
تقسيم الأرض الصالحة للزراعة
في عالم مثالي، ربما نتصور أن على كل تقاسم المساحة الصالحة للزراعة على الكوكب بطريقة متسواية.
فماهي المساحة التي سيحصل عليها كل بشري رضيعا كان أو عجوزا في أرذل العمر؟
عند قسمة عدد سكان الكوكب الذي بلغ 8 مليارات على مساحة الأرض القابلة للزراعة والتي تجاوزت الـ 13 مليون كلم².
فسيكون نصيب كل فرد أكثر من 1620 م² صالح للزراعة، أي تقريبا مربع عرضه يزيد قليلا عن الـ 40 مترا.
وإذا تخيلنا أن عدد البشر أصبح بين ليلة وضحاها 9 مليون نسمة، فإن نصيب كل فرد سيكون 1440 م² أي مربعا عرضه يتجاوز الـ 37 مترا.
لكن ماذا بخصوص التلوث؟
زيادة التلوث
يُتهم العالم الثالث بأنه غير مواكب لسياسات استعمال الطاقة النظيفة رغم أن أكثر من نصف السكان على الكوكب يعانون من الفقر.
يعيش أكثر من نصف البشر بأجر يومي لا يتجاوز الـ 7 دولارات يوميا، وتأثيرهم تقريبا شبه منعدم في الانبعاثات الكربونية.
وهذا يبين أن زيادة عدد السكان ليس سببا في التلوث، بل السياسات التصنيعية الجائرة هي سبب التلوث.
يجد السياسيون في العالم الأول حرجا من اتهام بلدانهم برفع مستويات التلوث لأنهم المستفيدون الأوائل من العائدات الصناعية.
لكنهم في المقابل يتهمون الدول الأخرى بتلويث الكوكب، ويحذرون البلدان الفقيرة من مغبة محاولة بناء ثورتهم الصناعية.
مشكلة عرقية
تعاني التركيبة السكانية في العالم الأول، من تهرم خطير ونقص في الولادات ونمو سلبي لعدد السكان.
لكن يبدو أن هذه المشكلة الخطيرة التي تواجه البلدان الصناعية لا تلقى نفس الصدى مقارنة بـ “أزمة” زيادة عدد السكان على الكوكب.
قد تبدو الفكرة مريبة بعض الشيء، لكن زيادة عدد سكان العرق “الخطأ” أو زيادة عدد المهاجرين يُهدد البشر الجيدين.
وبهذا يبدو أن المشكلة الحقيقية ليست زيادة عدد البشر على الكوكب، بل زيادة الناس الذين يولدون في المكان الخطأ.
قد تبدو الفكرة مؤسفة لكن بسبب التوترات العالمية، أصبحت زيادة عدد البشر الذين ينتمون لديانة ما أو عرق ما مسألة تُهدد بقية الأعراق أو الديانات.
وهذا يؤكد مرة أخرى أن المشكلة ليست في عدد السكان، إنما في الانتماء والمكان الذي تحدث فيه زيادة السكان.